إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
شرح نظم البرهانية
70924 مشاهدة
المانع الثاني: القتل

المانع الثاني: القتل. إذا قتل مورثه فلا يرث منه. القتل الذي يمنع: هو ما أوجب قصاصًا، أو دية، أو كفارة. ويدخل في ذلك: قتل الخطأ، وقتل العمد، وقتل شبه العمد. لماذا لا يرث القاتل؟ لأنه لو ورث لتعجل بعض الناس أن يُميت مورثه؛ أن يقتله حتى يرث منه.
تذكرون قصة الإسرائيلي في سورة البقرة: كان رجل له مال، وليس له إلا بنت، وليس له ورثة إلا ابن أخيه؛ فطلب منه أن يزوجه ابنته فامتنع، فقال: أقتل عمي، وآخذ ماله، وأتزوج ابنته، وآخذ ديته. فقتله، وألقاه إلى طرف قرية، وأصبح يدعي أنكم قتلتم عمي؛ فجاءوا إلى موسى فقالوا: ما قتلناه. فقال: اذبحوا بقرة. فلما ذبحوها ضربوه ببعضها فعاش كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى فقال: قتلني ابن أخي؛ قتلني هذا. ثم عاد ميتًا، فمنع من التركة، فيقال: من تعجل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه. وجاء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يرث القاتل .
ووقع في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن رجلًا من بني مدلج قتل ابنه، فأمر عمر بأخذ الدية، وجعل ديته لأخيه. كان رجل من بني مدلج الذين منهم سراقة بن مالك المدلجي له أمة مملوكة فتسراها؛ فولدت له ولدين، وكان الولدان يرعيان عليه الغنم، وكانت زوجته تبغض هذه الأمة؛ لأنها تعتبرها كضرة، وتلزمه أن يسرحها، أن يرسلها مع الغنم، فيمتنع أولادها فيقولون: لا نسمح أن أمنا تذهب ونحن موجودون، نحن الذين نرعى. فعند ذلك.. كانت تلزمه زوجته ويمتنع الولدان أن تذهب أمهما لترعى؛ فعند ذلك.. أغضبته زوجته على أولاده فقتل واحدًا منهم -قتل واحدًا من الولدين- ولما قتله رفع ذلك سراقة إلى عمر فأمره -أمر ذلك الرجل- أن يدفع له مائة من الإبل. ادفع دية؛ ولو كان ولدك.
وقال عمر لولا أن رسول -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يقتل والد بولده لقتلك؛ ولكن الوالد ما يقتل بولده، فعند ذلك.. أخذ من ماله مائة بدنة -مائة من الإبل- وقال: هذه الدية لك يا ولده الثاني. ولم يورثه. فهذا قتل عمد، قتل ابنه فألزم بالدية ولم يلزم بالقصاص، ولم يرث من ولده.
كذلك أيضًا قتل الخطأ. لو أن إنسانًا رمى شبحًا أو رمى صيدًا فأصاب أحد ورثته ومات بسببه فلا يرث، وكذلك لو حفر حفرة عند الباب، أو في الطريق فسقط فيها أحد ورثته فلا يرث، وكذلك .....